في إطار تعزيز حماية حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية وفقاً للقوانين المحلية والدولية، نظمت كلية الحقوق بجامعة الإسراء يوم 12 ديسمبر 2017 مؤتمرا دوليا محكما تناول موضوع التعذيب في فلسطين ، بحضور رئيس الجامعة الدكتور عدنان الحجار، والدكتور كمال الشرافي مستشار الرئيس لحقوق الإنسان، والأستاذ جميل سرحان نائب المدير العام للهيئة لقطاع غزة، والدكتور علاء مطر عميد كلية الحقوق ورئيس المؤتمر، إلى جانب لفيف من رؤساء الجامعات والنواب والباحثين.
ولقد توزعت أشغال المؤتمر على أربع جلسات علمية تخللها عرض ملخصات 16 بحثاً محكماً محلياً ودولياً تناولوا واقع التعذيب في فلسطين، وضمانات مناهضة التعذيب، بالإضافة إلى حماية وتعويض ضحايا التعذيب، وآليات حماية حق الإنسان في عدم التعرض للتعذيب.
و أوصى المشاركون بالمؤتمر بضرورة تحمل الأطراف الموقعة على المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية وخاصة الدول الكبرى، مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والوفاء بالتزاماتها ، والعمل على ضمان احترام إسرائيل لهذه المواثيق والاتفاقيات، وتطبيقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وايقاف الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلا الإسرائيلي بحق الأسرى والشعب الفلسطيني.
كما حث المؤتمرون وسائل الإعلام ومؤسسات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني على العمل لإبراز قضية التعذيب التي يعاني منها المعتقل الفلسطيني وتوضيح الانتهاك لمبادئ حقوق الانسان والاتفاقيات الدولية التي تجرم تعذيب المعتقلين ، ودعوا إلى ضرورة تعديل صياغة تعريف التعذيب في اتفاقية مناهضة التعذيب بما يسمح بتصنيف سياسة التغذية القسرية بأنها جريمة تعذيب، خاصة أن التعديل متاح وفقاً للمادة (29) من الاتفاقية، ومطالبة الجهات المعنية بمناهضة جريمة التعذيب، باعتماد التغذية القسرية التي شرعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي قانونياً ومارستها فعلياً بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين انتهاكاً خطيراً لحقوقهم التي كفلها القانون الدولي، خاصة وأن التغذية القسرية تعد جريمة حرب وفقاً لاتفاقات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، وجريمة ضد الإنسانية وفقاً لميثاق روما. مؤكدين على ضرورة تفعيل آليات المحاسبة الدولية سيما أدوات المحكمة الجنائية الدولية، بما يتيح محاسبة كل من يشارك في جريمة التغذية القسرية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
وشدد المؤتمرون على ضرورة سن وإصدار قانون ينظم تشكيل وعمل محاكم مجلس الدولة الفلسطينية، باعتباره هيئة قضائية مستقلة، لضمان نفاذ مبدأ المشروعية، أسوة بما فعله المشرع مع المحكمة الدستورية، كما اكدوا على ضرورة تكريس كافة الإمكانيات المادية والبشرية واللوجستية لدعم استقلال الهيئات القضائية الفلسطينية؛ لما له من أهمية في شرف وحياد السلطات القضائية، لتؤدي دوراً أكثر فعالية في حماية الحقوق والحريات.
وطالب المؤتمرون المشرع الفلسطيني بإجراء مراجعة شاملة للقوانين والتشريعات الفلسطينية واجراء التعديلات والتطويرات اللازمة على قانون العقوبات، ووضع عقوبة محددة ورادعة ضد الموظفين الحكوميين الذين يمارسون التعذيب، وضمان حق المضرورين من هذه الجريمة مدنيا، مع عدم إخضاع جريمة التعذيب والعقوبة المقررة لها للتقــــــادم. مشددين على ضرورة أن تلتزم السلطة الوطنية الفلسطينية بتعويض ضحايا التعذيب عما أصابهم من ضرر.
وأثنى الباحثون على المشرع الفلسطيني عندما أقر مبدأ دستورياً باعتبار التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط بالتقادم. مؤكدين أن التعويض يعتبر حقاً رئيساً ينبغي أن يُعترف به لضحايا التعذيب في إطار عملية جبر الأضرار، حيث يوفر لهم المزيد من الثقة في نظام العدالة لما يمثله من اعتراف بالأذى الذي حل بهم نتيجة الجريمة التي أصابتهم.
وأوضح الباحثون أن انتشار جريمة التعذيب في الأراضي الفلسطينية لا يرجع إلى نقص أو فراغ في النصوص القانونية الدولية أو المحلية التي تحرم هذه الجريمة، إنما إلى عدم التطبيق الفعال لنصوص التحريم على المستوى الدولي والإقليمي والوطني. وأكدوا على عدم فعالية لجنة مناهضة التعذيب في الحد من التعذيب المنهجي والممارس ضد المعتقلين الفلسطينيين، فعلى الرغم من نجاح اللجنة في قضايا التعذيب بل وتوفير اللجوء لضحايا التعذيب بالنسبة للدول الأطراف الأخرى، إلا أن المشكلة الأكبر في الجانب الإسرائيلي بتحفظه على عمل اللجنة من خلال إعلان صلاحية تسلم اللجنة البلاغات من الأفراد ودراستها.
وشدد الباحثون على أن إسرائيل تتبع أساليب المراوغة والكذب بخصوص أساليب التحقيق مع المعتقلين والمحتجزين، في دعوى إمكانية تعويض الضحايا وذكر بعض الخالات المحددة التي لم تستخدم فيها التعذيب، فإن التقارير الوطنية والدولية قد أثبتت عكس ذلك فلم يعتقل فلسطيني إلا واستخدم ضده التعذيب.
وفي ختام المؤتمر تم تكريم الباحثين المشاركين ولجان المؤتمر الثلاث العلمية والتحضيرية والإعلامية.