• الاتحاد العالمي للمؤسسات العلمية… Universal Union for Scientific Institutions… secretariat@unscin.org

  • Slider

الندوة الأولى لمختبرات السرديات بالعالم العربي: الرواية العربية في الألفية الثالثة.. بحثا عن أفق جديد

Post's score
Click to vote

   عقد من مختبر السرديات والخطابات الثقافية لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء الندوة الأولى لمختبرات السرديات في العالم العربي، مساء السبت13 فبراير2020، وذلك في جلسة علمية افتراضية عبر تقنية التناظر المرئي تم بثها مباشرة على الصفحات المتخصصة وتابعها جمهور واسع من المغرب وبلدان عربية مختلفة.

الندوة التي اتخذت من “الرواية العربية في الألفية الثالثة.. بحثا عن أفق جديد” موضوعا لها؛ قال الباحث سالم الفائدة -منسق أشغال الندوة- في تقديمه لها؛ إنها تأتي في إطار التنسيق بين مختبرات السرديات في العالم العربي وهي فكرة من اقتراح مختبر بنمسيك بالدار البيضاء، وتم إنضاجها بالتنسيق مع مختبرات تشتغل على السرديات بجامعات عربية عدة. وأشار الفائدة إلى أن هذه الندوة يشارك رؤساء مختبرات السرديات من مصر والسعودية والكويت وليبيا والمغرب، كما أن الدعوة وجّهت أيضا إلى مختبرات أخرى من الأردن وفلسطين والعراق والبحرين، والتي ستكون مشاركة في الندوة الثانية للمختبرات.

رئيس مختبر السرديات بالدار البيضاء شعيب حليفي؛ أكد على أن اللقاء ليس أوليا فقد سبقته لقاءات أخرى كانت مثمرة جدا والآن تتم استعادتها عبر هذه الندوة الأولى من أجل التأسيس لإطار عربي يمنح الثقة من جديد للمثقفين والنقاد والقراء أيضا. وتابع قائلا: “لدينا قراء في العالم العربي ويجب أن نحافظ عليهم، لنؤكد أن الثقافة هي السبيل الوحيد لوحدتنا وكي تكون لنا كلمة توحّد أكثر مما تفرّق وتجمع الواقع والخيال في آن”.

واعتبر حليفي أن الانحياز للأمل واستثمار أساليب التواصل الحديثة هو السبيل الوحيد للانتصار على هذه الجائحة، وعلى كل الجوائح المماثلة لها، مشيرا إلى أن “كوفيد ما هي إلا جائحة عابرة بينما نواجه حقيقة جوائح الجهل والتفرقة والتأخر”.

في مستهل الندوة ألقت رئيسة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء عواطف حيار كلمة ترحيبية بممثلي مختبرات السرديات بالجامعات العربية من المشاركين في الندوة أو المتابعين لها، وشددت على أنه من “المهم الجمع بين المختبرات والجامعات العربية وخاصة في هذا المجال الذي يتغذى من المخيلة العربية المشتركة”. ونوّهت رئيسة أكبر جامعة مغربية بالأبعاد المدمجة في أرضية الندوة التي تجمع بين البعد التاريخي والحداثي، مشيرة إلى أن هناك بعدا آخر وهو البعد الافتراضي الذي تنعقد الندوة عبر تقنياته، وهو بُعد قد يكون مفيدا لتوسعة هذا الإطار الذي تطمح إليه الرواية العربية وربما قد يعطي دينامية جديدة خاصة عن طريق استثمار ممكنات الذكاء الاصطناعي، سواء لتغذية المخيلة العربية أو لخلق فضاء افتراضي يلتقي فيه الجميع بثقافات مختلفة وبغض النظر عن المسافات.

أما عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك؛ عبد القادر كنكاي، فنوه بالندوة التي تجتمع عليها تجارب من بلدان مختلفة، مشيرا إلى أن أهميتها تكمن في الموضوع الذي هو السرديات كما تكمن أيضا في أنها تنصب حول الألفية الثالثة بما تحمله من مستجدات ومن مفاجآت مفتوحة على أفق جديد، ناهيك عن بعدها الاستراتيجي بإشراكها لشباب الباحثين الذين هم مستقبل البحث العلمي.

المداخلة العلمية الأولى ضمن الندوة كانت للأديب المصري منير عتيبة المشرف على مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية، حيث تحدث عن“السرد المصري في الألفية الثالثة مقاربة إحصائية”، منطلقا من خلاصات تقرير الحالة السردية المصرية والذي صدر منه تحليل سنوات 2015 و2016و2017.

وقدّم عتيبة قراءته الخاصة لأهم القضايا والموضوعات التي تهتم بها الرواية المصرية، حيث تتصدر ذلك الرواية التاريخية كما يحضر موضوع الثورة والعلاقات الملتبسة بين المثقف والسلطة، إضافة إلى موضوع الهوية الذي يظل مركزيا في الرواية المصرية وهو أحد أسباب العودة إلى التاريخ.

 ويرى عتيبة أن هناك ملمحا صوفيا بارزا في مصر متأثرا برواية “قواعد العشق الأربعون” للتركية إليف شافاق إذ يبدو تأثيرها واضحا في بعض الأعمال. كما أن أغلب الروايات التي تناولت العلاقة الملتبسة بين الرجل والمرأة تنتصر في النهاية للمرأة. بالمقابل سجّل ضعف الكتابة في رواية الخيال العلمي وندرة الإنتاج الرقمي وهما المجالان اللذان لا يمثلان بعد تيارا في الكتابة المصرية.

الباحث الأكاديمي معجب العدواني رئيس وحدة السرديات بجامعة الملك سعود، أكد على أن مستقبل الرواية العربية سيتجه إلى ما سماه السرد النرجسي أو ما يعرف ب”الميتا- قص” وذلك بسبب إيمان الروائي بأنه حين يظهر شخصيته داخل العمل فستكون قدرته على الإقناع أكبر.

وحاول الأكاديمي السعودي تتبع السرد النرجسي في الأدب من خلال قراءته لرواية “أولاد الغيتو” لإلياس الخوري، و”طقس” لأمير تاج السر، مركّزا على تبيان ملامح الميتا قص أو القص الماورائي في العمليين الأدبيين.واعتبر أن هذا الاتجاه –الميتا قص- ليس تيارا عميقا بعد في الأدب العربي “فحتى أبرز الروائيين حين يطرق هذا الملمح يفعل ذلك على استحياء”. وحسب العدواني فإن قوة السرد النرجسي في أنه “لا يترك قراءه ينسون أنه تخييلي”، أي أنه كلما حاول القارئ ان يغوص إلى البعد الواقعي في العمل فإن المؤلف يتدخل بهيمنته على النص ليعيده مرة أخرى إلى المتخيّل

أما الناقد فهد توفيق الهندال من مختبر سرديات البحرين فشدد على أهمية التفكير في الرواية التفاعلية باعتبارها حاجة ماسة ليس لكونها وسيلة إلكترونية وإنما لبعدها الثقافي وما يمكن أن تحققه من حضور جديد للأدب.

ومن خلال مفهوم “الوسط السردي” اعتبر الهندال أنه لدينا منظومة سردية يمكن أن تكون متكاملة وتحقق خطابا روائيا سرديا جديدا يعتمد على جميع أطراف الكتابة بما فيها الكاتب والمتلقي والناشر والمنتج أي كل ما يشكل هذا الوسط المتكامل. وانطلاقا مما يتيحه هذا الوسط الجديد تساءل الهندال عن الخطاب المفترض لأدب الرواية اليوم، هل يكون إطاره النخبة أم التفاعل الجماهيري في اتجاهي التأثير والتأثر؟

واستحضر بهذا الخصوص ما باتت تعرفه بعض الأعمال الشبابية في بلدان عربية مختلفة من إقبال وجماهيرية داعيا النقاد والمختبرات إلى إعطائها فرصة مستحقة والبحث فيها من خلال قراءتها وتحليلها والتعرف على كتابها.

واختارت الروائية والأكاديمية  الليبية فريدة المصري، الرجوع إلى لأعمال التاريخية في السرد الليبي، حيث اعتبرت أن الوعي بالتاريخ يضع الكاتب في عداد المسؤولين عن هذا التاريخ.

وقالت إن الكاتب الذي يختار الكتابة التاريخية يكون بمثابة من يسجل وثيقة تاريخية، كما أن عليه استحضار أن لها أهمية حيوية لقرائه المعاصرين ولقراء المستقبل.

وختم الندوة الناقد والأكاديمي المغربي محمد يحيى قاسمي عن مختبر السرديات بآداب بنمسيك الدار البيضاء، الذي بسط صورة إحصائية وموضوعاتية للرواية المغربية، مشيرا إلى أنها تحتل الصدارة من حيث غزارة الإنتاج في الأقطار المغاربية متقدمة على رواية الجزائر وتونس وليبيا ومورتانيا.

وكشف أن حصيلة الإبداع الروائي المغربي تضاعفت خلال الألفية الثالثة، فمن 1941 إلى 2000 صدرت 312 رواية، أما من 2001 إلى 2020 فقد بلغت 1320 رواية أي أنها تضاعفت أربع مرات. وذكر أن العقد الأول من الألفية الثالثة بلغت فيه 414 رواية فيما العشرية التالية بلغت 910 رواية، أي أن العقد الثاني كان مضاعفا عن سابقه.

وقدّم قاسمي أهم التيمات التي يكتب فيها الروائيون المغاربة، مشيرا إلى انفراد المغرب ببعض المواضيع على رأسها ما سماها “رواية الطرد التعسفي” وهي التي تتناول قضية طرد المغاربة من الجزائر، كما ان هناك ما سماه “الرواية المنجمية” القادمة من مناطق المناجم وأغلبها من مدينة جرادة في شرق المغرب. ويضاف إلى تلك الأنواع “رواية الجائحة” التي بدأت تظهر منذ السنة الماضية، وقد أحصى منها قاسمي تقريبا 20 رواية مغربية لحد الآن.

وفي الورقة الختامية للقاء والتي قدمها الباحث إبراهيم أزوغ أكد بعد كلمة في الشكر للأساتذة المشاركين في اللقاء من داخل المغرب وخارجه، بأن المختبر إذ يثمن أعمال وأشغال هذا اللقاء فإنه يأمل:

·      أن تتحول هذه اللقاءات إلى لقاءات حضورية بعد زوال أثر الجائحة؛

·      أن تتوسع دائرة مشاركة مختبرات السرديات والمختبرات المهتمة بالسرد عموما في الدورات اللاحقة وأن تتحول اللقاءات إلى تقليد دوري؛

·      أن المختبر يرمي إلى تمتين علاقات التفاعل والتبادل للخبرات والمعارف وأشكال التأطير؛

·      أن تثمر اللقاءات أعمال عليمة تصدر سنويا أو دوريا تضم الأوراق العلمية المقدمة في اللقاءات؛

·      أن توحد هذه اللقاءات وأن تطور تصوراتنا لقضايا الراهن والمستقبل في مجالات البحث والثقافة.

متابعة: محمد عبد الصمد مختبر السرديات كلية الآداب بنمسيك

Share this:

Bookmark the permalink.

Comments are closed.